موضوع: الأسرة الطيبة في الإسلام الأحد 12 يوليو 2009, 10:06
الأسرة الطيبة هي التي تنتج أبناء صالحين للمجتمع .
والطفل هذا المخلوق البرىء الذي ننقش نحن الآباء ما نؤمن به فيه ، ونسيّره في هذه الدنيا بإرادتنا وتفكيرنا وتنشئتنا وتعليمنا .
هذه العجينة اللينة التي نشكلها نحن كيفما نريد دون إزعاج منه أو إعراض .
وليس له مثل أعلى يُحتذى به إلا أهله يتأثر بهم تأثرًا مباشرًا ، ويتكرّس سلوكه الأخلاقي نتيجة توجيه الأهل ، ثم المجتمع من حوله وحسب تكيفه معهم يكون متأثرًا بالمبادئ والعادات المفروضة عليه ، ثم يصبح مفهوم الخير والشر عنده مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحياة العائلة ومعتقداتها
لذلك فلا بد في هذه المرحلة من حياة الطفل من أن تعلمه أمه مكارم الأخلاق
والأم التي لا تأخذ وليدها بالتربية والتهذيب تكون قد قامت بمهمة التكاثر تمامًا كما تقوم بها الحيوانات ، وقصّرت فيما وراء ذلك مما يمتاز به الإنسان عن الحيوان ، فالإنسان يتميز عن الحيوان حينما يتجاوز مطالب البدن إلى مطالب الروح ، ويتجاوز نطاق البيولوجيا إلى نطاق القيم السامية ، ويسمو عن نوازع الطينة الأرضية إلى الآفاق النورانية .
وكما تسخو الأم على طفلها بالغذاء إرضاعًا أو إطعامًا مما تشتهي النفس حتى ينتفخ من فرط النعمة والتغذية ، وكما تحنو عليه وتكثر له من الملابس التي تريح البدن وتسر النظر ولا ترد له طلبًا ، عليها أن تؤدِّبه وتحسن تأديبه ، وتربيه على السلوك والخُلق الإسلامي .
وهذه أعرابية يسألها المفضل بن زيد عن ولدها حينما رآه فإُعجب بمنظره فقالت له أمه : إذا أتم خمس سنوات أسلمته إلى المؤدب فحفظَّه القرآن فتلاه ، وعلّمه الشعر فرواه ، ورغّبه في مفاخر قومه ، وطلب مآثر آبائه فتمرّس وتفرّس ، ولبس السلاح ومشى بين بيوت الحي وأصغى إلى صوت الصارخ .
فالطفل محتاج إلى عناية تؤهله لكي يكون رجلاً يحمل رسالة ، ويبلغ دعوة ، فيتعلم القرآن ويحفظه منذ نعومة أظافره ، فينشأ متخلَّقًا بالأخلاق الإسلامية الرفيعة الصادرة عنه في كل أعماله ومقاصده ويكون مسترشدًا بها في طريق الدعوة .
وإذا ما نشأت الأسرة منذ بدء تكوينها على المبادئ والأسس الإسلامية التي ذكرنا بعضًا منها ، ستكون العلاقات الأسرية قوية متينة مبنية على الحب والود والتفاني والتضحية وغيرها من المبادئ السامية .
ولكن من الملاحظ ومنذ فترة قصيرة فتور العلاقات داخل الأسرة الواحدة ، والتي حولت بعض الأسر من مصدر للعطف والحنان ولم شمل الأبناء والآباء إلى مصدر للتعاسة والشقاء .
وبدلاً من أن تكون الأسرة لبنة طيبة في بناء المجتمع أصبحت معولاً لهدم هذا المجتمع ،وللأسف ارتفعت معدلات الطلاق ، فبينما تسعى الفتاة حثيثًا للزواج تجدها تسعى بنفس السرعة للطلاق ، وأصبح قتل أحد الزوجين للأخر وقتل الأبناء للآباء أو العكس من الجرائم التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة .
وهذا يجعلنا نسأل ما الذي أصاب الأسرة ، وهل هذه الإصابة أصابت الأشخاص أنفسهم أم أصابت فكرهم ومعتقداتهم ؟
ولماذا فقد الأب سيطرته وسطوته على الأبناء والزوجة ؟ هل هو الاستقلال المادي ، أم الهجمة الفكرية التي أتت علينا من الغرب ؟ فبعد أن كان الابن يعيش في كنف والده حتى بعد أن يتزوج وينجب ، تجمعهما نفس الدار ونفس المكان ونفس مائدة الطعام التي تجمع الآباء والأبناء والأحفاد .
نجد أن الابن يهجر بيت أبيه سعيًا وراء المال في بلاد الغرب ، التي ليس لها مبادىء أسرية ، ثم يأتي ليضع رأسه برأس أبيه ويريد أن يكون صاحب الكلمة والسلطة في بيت أبيه .
وكذلك الأب الذي فرّ إلى الخارج وترك الأسرة تجابه أزمات الحياة ومشاكلها بدون ربان للسفينة ، واختار لهم توفير المال بدلاً من بناء العواطف والأوصال الشخصية .
والأم أيضًا هي الأم الحانية الحنون التي كانت تشعل الدفء في البيت بحبها وعطفها على الكبير والصغير وإدارة شؤونهم .
الأم التي كانت تضحي بنفسها ومالها وراحتها وسعادتها وبكل ما تملك من أجل أبنائها .
هل أطفأت شعلة الحب ، وما السبب ؟ ولماذا سحبت القوامة من بين يدي زوجها لتصبح هي الآمر الناهي في البيت وهي صاحبة الرأي ؟ وصوتها فقط الذي يعلو ولا يُعلى عليه ؟
التحريض وفساد المجتمع
أم هي الهجمة الفكرية التي ساهم فيها العديد من الأدباء والكُتاب والمفكرين ، وأدت إلى تمرد الزوجة وهجرها لبيت الزوجية ونقمتها على معاشرة زوجها .
والتي دفعت المرأة إلى الاستسلام لإغراءات الشيطان ووقعت في حبائله ، ونزعت حجابها وخرجت إلى الشارع تمضي فيه وقتها ، وقتلت الغيرة والحمية عند الرجل عليها وعلى ابنته ، فسمح لها أن تخرج من منزلها دون حسيب أو رقيب ، وغُض بصره عما ترتديه من ملابس مثيرة ، وأباح لها الاختلاط مع زملائها وأصدقائها ، تستقبلهم في المنزل وترد عليهم زيارتهم بزيارة مثلها في بيوتهم ، وأن تتغيب عن المنزل في رحلة عمل أو فُسحة . إلى أين سيصل تأثير هذه الهجمة الفكرية علينا ؟ وهل سيأتي علينا زمان ننظر فيه إلى خاتم العفة عند الفتاة كما ينظر إليه الغرب الآن ، على الرغم من أن خاتم العفة هذا يعتبر شيئًا من التكريم الذي أنعم الله به على بني آدم وحدهم دون سائر المخلوقات الأخرى ، فلا نعلم أن هناك حيوانًا لأنثاه غشاء بكارة غير بنات حواء ، وهل سننظر إلى الفتاة المتدينة التي ليس لها علاقات غرامية مع الشباب بأنها مريضة نفسيًا ومعقدة كما ينظر إليها الغرب .
هل نستهين بالزوجة متعددة العلاقات الغرامية قبل وبعد الزواج ،وننظر إلى هذا الموضوع كأنه شيء عادي لا يثير غيرتنا وحميتنا ؟
هذه الهجمة الفكرية التي دفعت بالفتاة لاختيار شريك حياتها بنفسها ، تتعرف عليه في مرقص أو ناد أو شاطئ ، أو زميل دراسة أو ظريف ذو دم خفيف جارٌ في الحي ، ولم تعد مفاجأة لدى الأسرة أن تأتي الفتاة إلى الأب بهذا الشاب وقد اختارته شريكًا لحياتها لمجرد إعجابها بما أحسن تمثيله عليها ، وانحصر دور الأب في الموافقة النهائية إن لم تكن تزوجته بالفعل . وغالبًا ما تعصف الخلافات بمثل هذا الزواج ؛ لأنه بُني على الغش والخداع ، وكل منهما يظن في الآخر ما ليس في حقيقته ، وفي الوقت ذاته كل منهما يظهر خلاف ما يبطن من صفات حميدة وقيم تروق للطرف الآخر ؛ حتى يحبك الشباك على فريسته ، ويستمر هذا الزيف فترة الخطوبة ، ولكن سرعان ما ينكشف بعد الزواج ، ويشعر كل طرف بخيبة أمله وصدمته من الطرف الآخر ، وهذه الزيجات هي سبب ما نحن فيه من تحلل خلقي وتفكك أسري .
وبالأمس القريب كان الأب صاحب القرار الأول والأخير في اختيار زوج ابنته ، وكان الأب بما لديه من حنكة وخبرة يجيد ويحسن اختيار زوج لابنته ، ولمَ لا وهو الذي قام بتربيتها وتهذيبها يعرف ما يروق لها ويتفق مع طباعها ويصلح حالها .
والإسلام لم يمنع المرأة من أن تعرض نفسها على رجل من أهل الصلاح والتقوى للزواج منه ، لم يمنع أيضًا من أخذ رأي الفتاة عند زواجها ، إلا أنه منع الفتاة من أن تزوج نفسها بدون ولي أمرها ومن لم يكن لها ولي أمر فالحاكم وليها
والإسلام لم يمنع النظر إلى المخطوبة واستشعار التوافق والقبول بين الطرفين ، ولكنه منع وحرّم خروج الفتاة مع الفتى ، واختفائهم في الأماكن النائية تحت شعار الحب ، ودراسة كل طرف للآخر سنوات ، ثم يقرران إما الفراق أو الزواج ، والإسلام لم يمنع المرأة من التزين ، ولكنه يحرم عليها أن تتزين وتتجمل لغير زوجها .[
والإسلام لم يمنع المرأة من التعلم والعمل في مجالات تخدم بنات جنسها ، ولكنه يحرّم عليها أن تختلط بزميل العمل أو الدراسة ، وتتخذه صديقًا أو خليلاً أو زوجًا غير شرعي بجانب زوجها ، تظهر له ما تضن به على زوجها وتحكي له أدق أسرار حياتها الزوجية ، بالإضافة إلى الخضوع في القول والفعل
دور المرأة لا يُثمّن
وفي الماضي القريب ومن قبل هذه الهجمة الفكرية التي أصابت قيمنا ومبادئنا في مقتل ، كانت أمهات وزوجات الماضي وإن كان كثيرات منهن لا يحملن أي مؤهلات دراسية أو علمية ، إلا أنهن أنجبن كثيرًا ممن قادوا حركات التحرير الوطني ضد الاستعمار . وقادوا حركات التنوير العلمي والثقافي .
وقد كانت الأسرة المترابطة فيما مضى تؤدي دورها أفضل أداء في تنشئه الطفل من الأسرة الحديثة ، حيث كانت هناك فطرة سليمة ونسيج قوي من العلاقات والقيم يتوارثه الأجيال ويتم تنشئة الطفل من خلاله .
لذلك ، ونحن في القرن الحادي والعشرين ، وقد انكب العلماء على إنشاء المدارس والمعاهد في جميع شؤون الحياة لكافة المهن والتخصصات ، فمهما كبرت أو صغرت هذه المهن ، وعظم شأنها أو قل . فإن كثيرًا من المهن والحرف التي كانت بالأمس القريب لا تحتاج إلى أي نوع من التعلم الأكاديمي ، نجد أنها قد فتحت لها مدارس وانقسمت إلى تخصصات ، وأصبحت مصدر دراسات عليا .
نطالب من أجل إعداد الأم والزوجة الصالحة بإحياء مدارس للتربية أو الثقافة النسوية
وهذه المدارس كانت موجودة بالفعل ، ولكنها - للأسف - أُلغيت ولم تقم لها قائمة ، أو أن هذه الأمور تدّرس للطالبات بعد انتهاء دراستهن الجامعية ، كما تدرّس في مراكز تنظيم الأسرة لكل مقبل على الزواج بدلاً من تركها للاجتهادات غير العلمية وسط هوس الغزو الفكري .
موضوع: رد: الأسرة الطيبة في الإسلام الأحد 12 يوليو 2009, 13:43
أخي تقي بارك الله فيك على الموضوع المفييد و الرووووعة الحل الوحيد لعودة علاقة الاسرة وطيدة متينة قوية متماسكة هو العودة الى القرآن فيه توجد كل مبادئ الحياة من أراد صلاح بيته و أسرته عليه بالرجوع الى كتاب الله