القوة الناعمة

الكل يعرفها بلطفها ورقتها، عاقلة جداً، صوتها لا يسمع إلا بكلمات لها معنى وفيها عمق, حساسة، بضع كلمات يمكن أن تحول يومها إلى تفكير و هم . تقدم التنازلات دون أن تُطلب منها، يكفي أن تشعر بأن تنازلها سوف يدخل السرور للآخر حتى تبادر به عن طيب نفس.

كانت قوية، عندما تريد الحصول على شيء تتفانى لتحصل عليه باقتدار، فإن لم تستطع كانت تجد لنفسها كل الأعذار حتى تتقبل خسارته. لديها قدرة على استقبال أي هزيمة بصدر هادئ لا يوغره الندم. كانت هادئة تطمح دومًا إلى الكمال. تنزعج لأبسط كذبة لأنها ترى الكذب إهانة ، لثقتها التي تضعها في الآخرين ، لم تكن تعرف غير الظن الحسن بالناس . قد تفرض على نفسها ضغوطا كثيرة لأنها ترى أن ذلك جزء من واجبها في إسعاد من تحب. عندما تحب تبالغ في تقديم كل ما تعرف في فنون الحب لتثبت أنها مُحبة مخلصة، وعندما يخونها من تحب تكـــثر من لوم نفسها قبل أن ترى أو تسمع ما سيعتذر به من خانها. غالبًا ما تكتم ما تريد وما تشعر خوفًا من جَرح الآخرين. وعندما يؤذيها أحدهم تستطيع أن تكبت غضبها وتتصرف باتزان غير أن بركانًا من الألم يغلي داخلها.

تنتقد نفسها بقسوة حتى تظل قادرة على تجنب انتقاد الآخرين. ثقتها الزائدة بمن تحب كثيرا ما كانت نهبا للاستغلال الرخيص، فهي تتوقع سلفًا أن من يتعامل معها يجب أن يكون بنفس مستوى صدقها. مجتهدة غالبًا في تعلم كل جديد يجعل روحها قادرة على عطاء أكبر. تسعد حينما تشعر بنصر صغير، ولا ترى نفسها أهلا لانتصارات كبيرة.

عندما تحلم تذهب بعيدا .ولكنها تتنازل برضا عن جل أحلامها إن لزم الأمر، تكره الظلم بكل صوره وتقف أمامه ولا تقبله وتفعل ما تستطيع لتغير وضعًا قد يَفرض عليها استسلامًا . يحبها الآخرون بسهولة ، اجتماعية بحذر لأنها تحب أن تنتقي رفقة مميزة تعبر عنها . يستبعد أن تهين أي شخص ، صبورة لحد أنها يمكن أن تتجنب إلقاء اللوم أو تصويب خطأ حتى لو كان هذا الخطأ سيثبت لها حقًا، لا تجرؤ على جرح مشاعر أحد. هل تعرفت على هذه الشخصية عزيزي المستمع ؟ إنها الشخصية اللطيفة جدا التي يتهمونها بالانهزامية حينما تدعي الهدوء وهي غاضبة, ويرمونها بالسلبية حينما تحاول القيام بأمور فوق طاقتها لأنها لا تعرف أن تقول لا, ويصفونها بالمعقدة نفسيًا حينما لا تحاول الإفصاح عن مشاعرها خوفًا من اهتزاز صورتها المثالية أمام الآخرين, وهناك من ينعتها بعدم الوضوح لأنها حينما تغضب لا تحاول إيضاح أسباب غضبها بل تلجأ لكبته, ليس لديها القدرة على قول الحقيقة خوفًا من خسران الحب، الحب الذي يمد شريان حياتها بالدماء اللازمة لتعيش في دفء حب الآخرين

==========

لا نختلف على أن اللطف جزء من أخلاق الإنسان الراقي غير أن الإفراط فيه قد يورث صاحبه الكثير من الصدمات في حياته, وربما ضاعت حقوقه وسط صراع الأضداد, بل إن ضياع هذه الحقوق لن يشفع له في مكانة يحوزها في قلوب من تفانى في الإخلاص لهم، لأن التفاني لا يعطيه الحق في لومهم على ضياع حقوقه التي قام هو بالتفريط فيها.

=========

مستمعنا الكريم،إليك الآن الفرق بين اللطف و الانهزامية:

ـ اللطف يعني بذل النفع للآخرين ضمن دور فاعل ورسالة هادفة أما الانهزامية فهي نفع الآخرين خوفا من فقد مودتهم

ـ واللطف همة عالية بينما الانهزامية انحطاط عن التوق إلى المراتب العالية

=========

ـ اللطف بذل من نفس سخية تحب السمو بالجود ،والانهزامية تنازل عن المرتبة و انحناء للآخرين

ـ واللطف إدراك لقيمة التعامل المتكافئ بين الناس ، تعامل حصيلته أربحُ أنا وتربح أنت ، أما الانهزامية فتعامل مائل جائر حصيلته أخسرُ أنا وتربح أنت

======

إن كنت أنت هذا الشخص مستمعنا الكريم ، أو اكتشفت في لحظة صدق مع نفسك التأثير السلبي لإفراطك في إظهار هذا اللطف على حياتك وقراراتك فعليك أن تبادر إلى عدة أمور، منها خمسة أمور أساسية:

=============

الأمر الأول : أقلع فورا عن الإدمان على لوم نفسك، ولا تبالغ في تخطيئها، كف عن جلد ذاتك مهما كنت مذنبا ، فمن أجل ذنوبك سمى الله نفسه الغفور الرحيم

===========

الأمر الثاني: لا تعتقد أن حصولك على حقك يعني أنك أصبحت فظًا غليظ القلب ، بل بالعكس إذا طالبت بحقك وتحصَّلت عليه فأنت فطن ذكي جدير باحترام الآخرين.

===========

الأمر الثالث: تقبل شعورك بالاستياء لأنك ظللت فترة طويلة تمارس ما اعتقدته الأفضل لاكتساب قلوب الآخرين ولم تفز سوى بألقاب من مثل (الطيب، اللطيف، المسالم ) ولكنك لم تجن من ذلك سوى استغلال أكبر ... من حقك أن تستاء لذلك ، ولكن حوّل استياءك إلى تغيير

========

الأمر الرابع : تذكر أن لحظة اكتشاف ذاتك مهما تأخرت هي وقتك الملائم للتغيير، وهي ممكنة طالما كان هناك وعي بتأثيرها.

============

الأمر الخامس : تذكر أن اللطف لا يعني أن نسمح للآخرين بمحاصرة حقوقنا ، إننا أقدر على الحفاظ عليها، وإن تطلب الأمر التخلي عن الرقة في التعامل ، حتما أنت لن تؤذي أحدًا أثناء طلب حقك لأنك من الأصل طيب و لطيف .

مستمعنا الكريم ، إن ما نود إقناعك به هو القوة الناعمة

===========

مستمعنا الكريم اسمع مني هذه الحكمة :

فقد جاء في الحكمة الصينية أن شابا قال لمعلمه الشيخ الحكيم علمني ما الحكمة ، فقال نعم تعال معي ، فأخذه إلى داره وأخرج من صندوق عتيق ثلاثَ ورقاتٍ مطويات مرقمات من واحد إلى ثلاثة ، وقال له هذه ثلاثة أوراق مطوية افتح الأولى الآن و اقرأ ما فيها وافتح الثانية بعد عام من الآن و الثالثة بعد عام آخر وستجد نفسك قد حزت الحكمة كلها

فتح الشاب الورقة الأولى فوجد مكتوبا فيها جملة واحدة تقول: الحكيم هو من يغير العالم

طوى الشاب الورقة وشرع منذ تلك اللحظة في العمل على تغيير العالم ، ينصح الناس ويحارب الظلم والفساد ، وبعد عام وجد أن هناك كثيرا من الناس قد تأثروا به ولكن العالم لم يتغير ، تملكته حسرة و ألم ثم قال في نفسه : لعل في الورقة الثانية ما يرشدني إلى طريقة أفضل لتغيير العالم والفوز بالحكمة ، ففتح الورقة الثانية فوجد مكتوبا فيها : الحكيم هو من يغير العالم و أحكم منه من يغير نفسه

فطوى الورقة وشرع منذ تلك اللحظة في إصلاح نفسه ، وبعد عام لا حظ أن نفسه قد اكتسبت كثيرا من المحاسن ولكنها ما زالت كما هي بفطرتها نفسا أمارة بالسوء ، فقال في نفسه لعل في الورقة الثالثة ما يعينني على تغيير نفسي ، ففتحها ، فإذا مكتوب فيها : الحكيم هو من يغير العالم و أحكم منه من يغير نفسه و أعظم حكيم من يتقبل العالم ويتقبل نفسه

و من حينها قرر الشاب أن يتقبل العالم دون رفض ويتقبل نفسه دون نقص

========

ولعلنا نتساءل لماذا يجب أن نتقبل العالم وفيه ما فيه؟ والجواب تجده حين تعرف أن الذي يتغير ليس هو العالم و إنما الذي يتغير هو رؤيتك للعالم

ولعلنا نتساءل كذلك لماذا نجتهد في قبول ذواتنا كل هذا الجهد ؟

والإجابة لن تكون أجمل من أن يقال إن القيمة الحقيقة

للحياة تكمن في دورنا فيها وهذا الدور يستحق العناء لأننا

صُنّاعه ، وكيف ينجز دوره من يرفض نفسه؟

منقول
ان شاء الله ينال الرضى والاعجاب

روووووعة زي العادة
مواضيعك كلها روعة

و انت
أرررررررررروووووووووووووووووووع
مشكورررررر على المروووورررررررر

يسلمووووووووووووووووووو هاجر موضوع روعة ومميز جدا سلمت يداك

شكراااااااااااااااا لكي عمري على المروور الحلوووو عطررررتي الموضوع