في أحدا الجزر النائية المنعزلة تواجدت مدينة صغيرة , مدينة الآمال ,و كانت تملأها الجبال تسودها التلال , و كل ليلة فيها
نرى نجوم الشمال. كانت قرية بهذه المدينة تدعى قرية السعادة, فقد سادتها الأنهار ,و كل الأوقات نهار ,فلا أثر للأحزان و الدمار
و لا مكان للخونة و الأشرار. لذلك سميت هكذا و زينتها الأطفال , و تاجها قلوب سكانها التي لا النضال
مدينة الآمال شاسعة واسعة تتكون من عدة قرى و هي مدينة مسالمة, مواطنوها لأبنائهم قدوة دائمة
في يوم من الأيام , كانت الشمس بارزة على الدوام , التقى مجموعة من الصبية , و مضوا في طريقهم نحو القرية. و ما إن
وصلوا حتى بهتوا من تلك المناظر , فقد كانت تبهر الناظر ,و تسر الزائر ,و تفرح الحائر, تعجبوا منها . حيث الفراشات
تحوم حول الأزهار و بين الفينة و البرهة تغرد الأطيار ,فيا لذلك الغدير و و يا لتلك العصافير
أضحت المنطقة جديدةً ملونةً صافيةً و بات عدد الأطفال ثمانية و هم أحمد و محمد و أمجد و نهاد و سهاد و مجد و ندى وهدى
تعجبوا من تلك المناظر و قال كل منهم ياه ...ما أحلى هذه الألوان تزين كل الأكوان و تصفي الأذهان و تمتع الصبيان
فقال أحمد {يا لهذه الألون , و خاصة الأزرق ,لون السماء و الطيور و الماء و هو دائما يبرق
و قال أمجد { ما أحلى الأخضر ... إنه لون النبات و الشجر , و لون الطبيعة التي تمحو الضجر
و قال محمد { انظروا إلى الأبيض ... لون أصفى الغيوم التي تمسح الهموم ,و تنقي قلب كل من يبغض
و قالت نهاد {ما أجمل الوردي ...يبهج فؤادي ,لون ورودي ,يعطر صفو الوجودي
و قالت سهاد {ما أنقى الأحمر ...لون شمس الغروب و الزهر , و زينة كل منظر
و قال مجد {الزمردي ,لوني الأبدي , ينعشني بعد بذل جهدي , و يا ليت كل شيء زمردي
و قالت ندى {يا للبنفسجي , لون المروج ,و هو لون تاجي ,و عقد هذا الأريج
و قالت هدى { لاحظوا و حدقوا في الأصفر ,لون الشمس التي تظهر ,و لون السمك الذي يسبح و هو الأمهر
و لون البذرة التي تزهر
و بعد هذا الجدال , الذي لم يحل حتى بالنزال ,تعب الأطفال ,و رغم ذلك أصروا على الاختلاف فلم يتمكنوا من الائتلاف
حتى أتى إليهم رجل جسيم وسيم يدعى نسيم . لاحظ أنهم في شجار نجمت عنه أضرار , فدنى منهم و سألهم ما بهم
فقالوا أن الألوان حيرتهم و جعلتهم يختلفون و يحتارون , وعلى حين غرة هبت عاصفة من الأمطار فاختبأ نسيم و الصغار
في أحد جحور الغابة كي لا يلحقهم الداء الضار . لكن العاصفة لم تنس الأولاد الخلاف , فعادوا يتشاجرون
و ما كان من السيد نسيم إلا النظر إليهم بصمت و هدوء . فنادى عليه أحمد يا سيد نسيم الوسيمتعال لو سمحت . فقدم
نحوهم وقال ماذا بكم ؟ حسن توقفوا عن الشجار , فأنتم كبار. فاستمع إليه الأطفال , ومن جهة أخرى أشرقت الشمس
فخرج الأولاد من الجحر يتدفأون من عبير الشمس تغمرهم البسمة
فاتى وقت الكلام لنسيم الذي حكمته فاقت الحكدم. وقال {تأملوا هذا القوس, هل ترون ألوانه ؟ } فردوا بدهشة
نعم يا سيدي . فتابع الكلام {هل رأيتم ؟ ما من لون جميل فكل لون يتمم الآخر لذلك لا لون مميز و لا محدد} {تأملوا
معي إن حذف أي لون من ألوانه فسيغدو ناقصا ,هل أيقنتم الآن جوابا لاستفهامكم ... ؟؟؟؟
تأمل الأولاد الجمال و غاص كل منهم في الخيال وابتسم نسيم و قال {و كذا نحن في المجتمع لا أفضل بيننا , كل يتمم
الآخر فلا مكان للحاكم ما لم تكن لديه رعية , ولا مكان للآباء إلن لم يكن لهم أبناء ,و لا مكان للأستاذ إن لم يكن له طلاب
فلا تختلفوا فيما بينكم و احرصوا على آداء واجباتكم لازدهار بلدكم و لا تجعلوا الشيطان يفرق بينكم بأمور بسيطة
ابتسم الأطفال , و عادوا إلى بيوتهم ليمسوا أصدقاء في السراء و الضراء
و أنتم يا قراء يا مستمعين أتمنى أنكم قد استمتعتم بهذه الحكاية و أنكم فهمتم العبرة في النهاية فإن اجتمعت الألوان
كلها صلح الكون و صار جميلا , و إن بددت لبات الكون رمادا , و إن عملنا يدا واحدة لبنينا دولة منيعة صامدة
أعمدتها وطيدة و متماسكة . فانظر دائما إلى الجانب المشرق من كل لوحة أو خطوة تخطوها, و لا تكن سببا في فشل أمتك
تسلح بحب لكل الألوان .و ليكن لك قلب متين لا يغر به شيء في الدنيا
و إلى اللفاء مع قصة أخرى تحمل العبرة
لمن ياخذ دروسا من تجارب غيره