Ackemi
بطاقة الشخصية الورقة الشخصية: 5
| موضوع: الدعاة الى الله الأربعاء 13 يوليو 2011, 22:26 | |
|
السلام عليكم ورحمة الله ****** الدعاة الى الله
روى البخاري بسنده عن الزهري قال: "أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش - وكانوا تجاراً بالشام في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش - فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فقال أبو سفيان: فقلت أنا أقربهم نسباً فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عنده. ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أن لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألت أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألت أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بمَ يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه. ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأ فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين: ((يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)). قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أَمِرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام". [رواه البخاري في كتاب بدء الوحي وكتاب الجهاد]. معاني الألفاظ: الركب: هم أولو الإبل العشرة فما فوق. المدة التي مادّ فيها: هي صلح الحديبية وذلك في السنة السادسة من الهجرة. إيلياء: بيت المقدس. عظماء الروم: هم البطارقة والقسيسون والرهبان. الترجمان: المعبر عن لغة بلغة أخرى. اجعلوهم عند ظهره: أجلسوهم وراءه لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب. من أن يأثروا علي كذباً: من أن ينقلوا علي الكذب. كيف نسبه فيكم: أي ما حال نسبه فيكم من أشرافكم هو أم لا؟. هو فينا ذو نسب: أي عظيم النسب. أشراف الناس: أهل النخوة والتكبير. لم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً: ما استطعت أن أجد كلمة انتقصه فيها. الحرب بيننا وبينه سجال: ينتصر علينا مرة وننتصر عليه أخرى. الغدر: ترك الوفاء. اتركوا ما يقول آباؤكم: اتركوا ما كانوا عليه من أمر الجاهلية. حين تخالط بشاشته القلوب: أي حين تمازج حلاوة الإيمان القلوب. فسيملك موضع قدمي هاتين: أي بيت المقدس. تجشمت لقاءه: تكلفت الوصول إليه. لغسلت عن قدمه: مبالغة في العبودية والخدمة. دعاية الإسلام: الكلمة الداعية إلى الإسلام وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. يؤتك الله أجرك مرتين: يعطي الأجر مرتين لكونه كان مؤمناً بنبيه ثم آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. أو يكون له أجر إسلامه وأجر إسلام أتباعه. الأريسيين: جمع أريسي، وهو الأكّار أو الفلاح. الصخب: اللغط، وهو اختلاط الأصوات في المخاصمة. أمِرَ: عظم. ابن أبي كبشة: المراد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن عادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض. ملك بني الأصفر: بنو الأصفر هم الروم، وملكهم هرقل ولقبه قيصر. أحكام فقهية ودروس مستفادة من الحديث: 1- للدعاة الصادقين صفات يتميزون بها، وعلامات تدل على صدقهم، لأن الدعوة إلى الله مهمة الأنبياء، والعلماء هم ورثة الأنبياء. 2- الاهتمام بمعرفة الأحساب والأنساب. 3 - الكذب قبيح عقلاً وشرعاً. 4 - التعرف على شخصية الداعية وسيرته. 5 - الإيمان بالله يشرح الصدور ويتمكن في القلوب السليمة. 6 - أصحاب الدعوة السليمة يزيدون ولا ينقصون. 7 - احترام الدعاة إلى الله وتكريمهم وطاعتهم. 8 - يجب على الداعية أن يعرض منهجه بصدق ووضوح اتباعاً لأمر الله - تعالى -: ((فاصدع بما تؤمر))، ((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك))، ((وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ)). 9 - قبل الإقدام على العمل أو اتخاذ القرار لابد من التفكير وتقليب وجهات النظر، ألا ترى الفارق بين موقف هرقل وموقف كسرى، الأول استقبل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوقير والاحترام فكانت له بقية وأما الآخر مزق كتاب رسول الله فمزق الله ملكه. 10 - يفتتح الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم. 11 - جواز إرسال بعض القرآن إلى أرض العدو وكذا السفر به. مناسبة الحديث للكتاب: افتتح البخاري - رحمه الله - كتاب بدء الوحي بحديث الأعمال بالنيات ثم ذكر بعده أحاديث تبين كيفية نزول الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأول ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصادقة، ثم حبب إليه الخلوة فكان يخلو بغار حراء، وجاءه الملك وهو في الغار، ثم عرف بأمره ورقة بن نوفل وطمأنه بأن هذا الذي جاءه هو الناموس الذي نزل الله على موسى، ثم ختم الكتاب بهذا الحديث الذي تضمن خبر أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم حيث وصله كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرف هرقل أن هذا هو النبي الذي يظهر في آخر الزمان، كما هو معروف عند أهل الكتاب، وسيمتد ملكه وتنتشر دعوته في كافة أرجاء المعمورة ولذلك فقد قال هرقل بعد أن سأل عن صفات ذلك النبي: "إن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين". فما المناسبة بين هذا الحديث الذي ختم به الكتاب، وحديث الأعمال بالنيات الذي افتتحه به؟ والذي يبدو لي في الجواب عن هذا السؤال - والعلم عند الله - أن البخاري - رحمه الله - يريد أن يقول: إن من أخلص نيته لله - تعالى - وصدق في دعوته التي يدعو إليها، فإنه وإن بدأ الدعوة في غار فإنها ستبلغ ما بلغ الليل والنهار، وستتناقلها الأخبار حتى يخشى صاحبها ويخضع له كل ملك جبار. فلله در الإمام البخاري - رحمة الله عليه - ما أبرع طريقته في الاستهلال والاختتام وما أبدعها وإنها لمنقطع القرين، فهو أمير المؤمنين في الحديث استوجب ذلك وهو له أهل. وما أعظم عواقب الإخلاص وصلاح النوايا وما أطيب نتائجها. دعوة صريحة: بعد أن تمت المصالحة بين المسلمين والمشركين على وضع الحرب بينهم عشر سنوات، وهو الصلح المعروف بصلح الحديبية، وعلى أن يرجع المسلمون من عامهم ذلك ولا يدخلوا البيت الحرام وليأتوه من العام القابل، بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكاتب ويرسل رسله إلى ملوك الأرض يدعوهم فيها إلى الإسلام. قريش تحارب المسلمين، وتمنعهم من دخول مكة أرضهم التي أخرجوا منها وليس ذنبهم إلا أن يقولوا ربنا الله، ومع ذلك يراسل ملوك الأرض ويدعوهم فيها إلى الرجوع إلى أمر الله، والتسليم لحكمه - سبحانه وتعالى-!! كيف يقدم على مثل هذه الخطوة الجريئة من كان يحارب في بلاده ولم يسلم من أذى أعدائه؟! إن هذه الخطوات لا يقدم عليها إلا الواثقون من نصر الله، المتوكلون على الله وحده. إن الذي وثق بحفظ الله له يوم خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة وأوى إلى غار ثور فأدركه المشركون، وكان صاحبه يقول: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فيقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" "لا تحزن إن الله معنا". من كان يشعر بمعية الله وحفظه وتأييده فإنه يقدم على مثل هذه الخطوات ولا يخشى من انتفاش الباطل وغطرسته وتعاظمه، وتصغر في عينه عروش الملوك، فلله الملك، ((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)) [آل عمران/26]. هذه الخطوات يقدم عليها الأنبياء وورثة الأنبياء الذين أوتوا العلم ويخشون الله ولا يخشون أحداً إلا الله. وهؤلاء هم الذين يحملون عبء الدعوة الصادقة، ويقومون بها حق قيام ولا يغترون بزخارف الدنيا وزينتها ولا يهابون سطوة الملوك فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. "من محمد عبد الله ورسوله" "أدعوك بدعاية الإسلام". دعوة صريحة وجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل عظيم الروم، دعوة محصورة باتباع دين الإسلام لا غير دون خوف ولا وجل ولا مداهنة: ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)). إنه لأمر عجيب - في نظر المتأمل - أن تصدر هذه الدعوة في وقت كان نفوذ المسلمين ينحصر في بقعة صغيرة من الأرض (المدينة المنورة) لا تساوي شيئاً من الناحية المادية بجانب إمبراطورية الروم الممتدة في القارات الثلاث (أوربا وأفريقيا وآسيا). وعلى الرغم من الفوارق الشاسعة بين إمكانيات ومقدرات الروم الهائلة، وحالة المسلمين الضعيفة في تلك الأيام، لم يدعه هذا إلى الشعور بالهيبة من قوة الروم وسيطرتهم، ومن ثم التنازل والمداهنة. لقد كان - صلى الله عليه وسلم - صريحاً وواضحاً في دعوته للروم، مثل وضوحه وصراحته مع عبدة الأصنام والأوثان من كفار قريش، فلم يخطر بباله أن يختار أسلوباً في الدعوة يتناسب مع قوة الروم وسطوتهم كما يفعله بعض الضعاف والانهزاميين في زماننا - من دعوة إلى التقارب بين الأديان - الذين بهرهم انتفاش الغرب وتجبرهم، فطرحوا شعارات وقدموا تنازلات تشعر بذلهم ودناءتهم، فأفسدوا دين الناس ودنياهم وأول الطريق يبدأ دائماً بخطوة، فبعد أن تنازلوا للنصارى إلى أبعد حدٍ وفعلوا تجاههم ما فعلوا... فقد جاء دور اليهود، وصرنا نسمع عن وجود روابط بينهم وبين المسلمين!! وكونهم أبناء عمومة!!. ولذا فإنا نخشى أن يتأثر بهذه الطروحات الخائبة ويخرج دعاة من أبناء جلدتنا يزينون للناس ويفتونهم بإقامة العلاقات وحسن المودة مع أبناء القردة والخنازير مع قتلة الأنبياء، وأكلة السحت الذين يقولون ليس علينا في الأميين سبيل، فيخدعوا بما تطرحه وسائل الإعلام المعادية ويتأثروا بأساليب الحكام الخونة على أن لليهود الحق بإقامة وطن لهم!! كيف والله - تعالى - يقول: ((قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)) ويقول - سبحانه -: ((لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)). فلا يهولنكم أيها الدعاة الصادقون ما وصل إليه اليهود والنصارى من امتلاك قوى وبسط سيطرة وانتفاش ظالم مزيف، فإنه سيزهق ويزول بإذن الله. ولكم في رسول الله أسوة حسنة فاثبتوا على الحق الذي آتاكم الله واصبروا حتى يحكم الله ويتحقق وعده بنصر المؤمنين ((وكان حقاً علينا نصر المؤمنين))... المختار الاسلامي
منقوول للفائدة
| |
|