nagisa
بطاقة الشخصية الورقة الشخصية: 5
| موضوع: بدر الليل الجزء الثاني السبت 21 نوفمبر 2009, 15:36 | |
|
وما هي إلّا أيام قليلة , حتى استطاع بدر الليل أن يستعيد صحته وعافيته ... فأعلن ذات صباح لوالديه عن رغبته في الرحيل مع غروب الشمس وهو ما أثار دهشة والديه كثيرا , فالناس يبدؤون سفرهم عادةً الفجر , ولا يبدؤونه مع الغروب , ولكنهما آثرا ألا يسألا ولدهما عن ذلك , وقدر أنه يرغب في الرحيل ليلاً , كي لا يصادفه أحد من أهل المدينة فيحرجه بالسؤال والكلام . ومع غروب شمس ذلك النهار كان كل شيء قد أُعد لسفر بدر الليل , الذي وقف يودع والديه وخدم القصر والدموع تسيل من عينيه , كمَا كانت تسيل من عيون الجميع ,وكان الولدان قد كالفا السائس بتجهيز حصانين . حصان بدر الليل الأشهب , والذي يحبه أكثر من سواه , وحصان آخر خصص لحمل ملابس بدر الليل وطعامه وشرابه , غير أن بدر الليل لم يلتفت إلى هذا الحصان وأشار إلى أنه سيرحل بملابسه التي عليه , مكتفيا بركوب حصانه الأشهب وأنه لن يتزود لرحلته هذه بطعام , أو شراب أو مال . وأعجب هذا الموقف والد بدر الليل بالرغم من إشفاقه الكبير على ولده , لأنه لم يتعود هذا النوع من الحياة , ولكن ها هو يححسِن الاختيار , فمَن أراد الاعتماد على نفسه لا بد لأن يبدأ مثل هذه البداية . ولوح بدر الليل بيديه للجميع , ومضى دون أن يلتفت خلفه , مضى والدموع ما تزال تملأ عينيه , ولكنه كان أيضا يمتلئ بالعزيمة والرغبة في اقتحام المجهول , فانطلق يجري بحصانه جريا خفيفا , وهو يشعر وكأنه يولد من جديد . سار بدر الليل طوال الليل بهدوء . وعندما أشرقت شمس الصباح , وجد نفسه بين جبال عالية تغطيها الغابات , فعرف أنه ابتعد كثيرا عن العمران , وأنه لن يصادف بعد الآن كمَا حدثه أبوه من قبل سوى البراري الخالية من السكان , فواصل سيره , إلى أن ارتفعت الشمس في السماء , وحميت , وحان الوقت ليستريح ويريح حصانه , فاختار شجرة وارفة الظلال , وربط حصانه في جذعها , ونظر فوقَه إلى إغصان الشجرة , فرأى ثمارا غريبة لم يشاهدها من قبل , ولكنها بدت ناضجة وشهية , فتسلق الشجرة وقطف حبة وتذوقها , وحين وجدها حلوة طيبة المذاق , أخذ يأكل منها حتى شبع , ولم ينس حصانه فقد قطف له عددا كبيرا من الثمار الحلوة الغريبة , ثم نزل عن الشجرة , وتمدد على ظهره فوق التراب , وخلال لحظات كان يغط في نوم عميق . نام بدر الليل النهار كله , ولم يستيقظ من نومه إلّا عندما شعَر بنسيم المساء , اللطيف يداعب وجهه , فنهض نشيطا , وركب حصانه وانطلق ماضيا وعلى هذا المنوال قضى بدر الليل ما يقارب الشهرين , وهو يسير في الليل وينام في النهار ويأكل من ثمار الأشجار التي تصادفه ويشرب من مياه الجداول والينابيع التي يمر بها ............. ولم يلتق طوال هذه المدة بأي إنسان , كمَا لم تعترضه مشكلة واحدة فقد كان يرى الحيوانات البرية المفترسة منها وغير المفترسة في الليل والنهار , ولكنها لم تكن تقترب منه , وإنما كانت تنظر إليه من بعيد ثم تمضي مبتعدة عنه بسلام . حادث واحد طريف صادف بدر الليل هذه الليلة , عندما فوجئ بثعلب يجري نحوه والفزع يملأ عينيه , فقد كانت تطارده ثلاثة كلاب متوحشة فوقف بدر الليل بين الثعلب والكلاب وحماه منها دون مشقة لأن الكلاب توقفت عن مطاردة الثعلب فور أن رأت بدر الليل واستدارت عائدةً من حيث أتت , فتقدم الثعلب من بدر الليل وشكرَه بحرارة لأنه أنقذ حياته , ورجاه أن يطلب منه خدمةً يرد بها معروفه الجميل , ولكن بدر الليل شكَر الثعلب , وسأله : وبِما يمكنك أن تخدمني وأنت ثعلب وأنا إنسان ؟؟ . فأجاب الثعلب على الفور : أرجو ألا تستهين بقدراتي أيها الشاب الكريم لأنني قادر على القيام بأعمال كثيرة لا يستطيع الإنسان القيام بها , فإذا ما احتجت لي في يوم من الأيام , فما عليك إلا أن تفكر بي وتصفق بيديك ثلاث مرات , وسوف تجدني عندك إن شاء الله . ثم ودع الثعلب بدر الليل , ومضى لحال سبيله , أما بدر الليل فقد واصل طريقه بنشاط وارتياح , حتى أشرقت الشمس , وارتفعت قليلا في السماء , فأخذ يبحث بعينيه عن مكان مناسب يستريح فيه , حتى وقع بصره على شجرة كبيرة وارفة الظلال , فتوجه بحصانه إليها ليأخذ كل منهما نصيبه من الراحة والنوم . ترك بدر الليل حصانه يرعى العشب بالقرب منه , أما هو فقد أسند ظهره إلى جذع الشجرة , وأخذ يفكر ويحاول أن يحصي الأيام التي قضاها وهو مسافر , فوجدها تقارب الشهرين فعلا , وهي المدة اللازمة للوصول إلى المملكة التي يسعى إليها , ولكن ............ أين هي هذه المملكة !!؟؟ أهي قريبة أم بعيدة ؟؟ حقيقة أم خيال ؟؟ إنه حتى الآن لم يرى ما يدل على أنه اقترب منها .......... ولم يطل تفكيره فقد ثقُل رأسه ومال على كتفه , وراح في نوم عميق . وعندما صحا بدر الليل من نومه قُبيل مغيب الشمس لم يكن في نفسه شيء من كآبةُ الصباح , فقد صحا نشيطا كالعادةُ ممتلئا بالعزم والتصميم , فقفز إلى ظهر حصانه الذي أخذ يجري به جريا يسيرا تحت أسراب من الطيور المرفرفة العائدة إلى أعشاشها وعدا ذلك كان كل شيء في الطبيعة هادئة وساكنا وكان بدر الليل يشعُر بالرضا عن نفسه لأنه لم يؤذي كائنا حيا واحدا طوال الرحلة , ولكنه كان يشعر في أعماق قلبه أنه تغير كثيرا , وتخلص تماما من غروره القديم فمضى الليل وانقضى دون أن يشعر به , ولم ينتبه لنفسه إلّا على قرص الشمس الذي بزغ من بين الجبال , ليغمر الكون بنور نهار جديد , وما هي سوى دقائق قليلة حتى أطل بدر الليل فجأة على جبال شاهقة جرداء , راحت تتلألأ في ضوء الشمس , وكأنها المرايا الملونة فعرف أنه اقترب أخيرا من المملكة التي طالت رحلته إليها فلَم يتردد أو يضيع وقته وإنما لكَز حصانه , وأسرع السير , حتى وصل مدخل الممر المؤدي إلى المملكة قبيل الضحى ومع أنه كان متعبا وبحاجة إلى الراحة وحصانه إلّا أنه فضل أن يواصل سيره , حتى يجتاز ممر الموت في وضح النهار . وقد سار بدر الليل في ممر الموت بحذر وترقب شديدين منذ البداية حيث كان الممر ضيقا وعميقا كالنفق ويجري فيه هواء بارد محملا بروائح غريبة لم يسبق لبدر الليل أن شم مثلها في حياته أبدا , وبعد أن قطع بدر الليل مسافة ميلين أو أكثر قليلا دون أن يصادفه كائن حي واحدا بدأ يشعر ببعض الطمأنينة , وأخذ حذره يخف شيئا فشيئا , ولكنه ما إن مال مع الممر الذي انحرف فجأة لليمين بزاوية تكاد تكون قائمة , حتى وجد نفسه وجها لوجه أمام قطيع من الأسُود الضارية وقد سدت عليه الطريق , وهي تزأر بشراسة في وجهه , فوقف بدر الليل متجمدا على ظْهر حصانه والرعب يملأ قلبه . وأخذت الأُسود تتقدم نحوه رويدا رويدا , مكشرةً عن أنيابها الحادة البيضاء , حتى لم يعد يفصلها عنه سوى خطوات قليلة , فجعل بدر الليل ينقل نظراته بينها , محاولا أن يعرف أيها سيقفز نحوه أولا , ولكن يا للعجب . لقد كفت الأسُود عن زئيرها فجأةً , ولم تلبث أن أَخفضت رؤسها إلى الأرض , وبدأت تنسحب من وسط الطريق إلى جانبيه لتقف في صفين متقابلَين , وكأنها أسُود السيرك المدربة , فمَر بدر الليل من بينها بسلام وهو يكاد لا يصدق النجاة , ولم يدري كيف تذكر فجأةً ما تتمتع به عينيه من قوة وسحر , غير أنه لم يفكر في ذلك طويلا , وإنما حمِد الله في سره على هذه النعمة ومضى يشق طريقه عبر الممر الذي انفتح دفعة واحدة , على واد فسيح كثير الأشجار , تنسكب من أطرافه شلالاتٍ صافية كالبلور , وتجري فيه جداول صغيرة متشابكة كخطوط كف اليد فأوقَف بدر الليل حصانه عند أول شجرة وصلها , وقفز إلى الأرض ليتأمل هذا الجمال الطبيعي الباهر , ولكي يستريح ويريح حصانه قليلا , فقد كانا متعبين حقا وبحاجة شديدة للراحة , كحاجتهما الشديدة أيضا للطعام والشراب فأسرع بدر الليل نحو أقرب جدول إليه , وانحنى يريد أن يشرب , ولكنه وقبل أن يمد كفيه ليغترف الماء , سمع صوتا واضحا تردد صداه عبر الوادي كله . حذاري أيها الشاب , إياك أن تشرب أو تأكل شيئا مما في الوادي . تلفت بدر الليل حوله بجزع عظيم . كانت الأشجار قد اختفت تماما , وكان الظلام قد غمر أطراف الوادي وراحت تنتظر أيها الشاب ؟! أسرع بالخروج من هنا قبل أن تتحول إلى مجرد عينين غاضبتين في الظلام . ولم يعرف بدر الليل كيف استطاع أن يركب حصانه ويجري به وسط الوادي الذي يضيق بسرعة شديدة بينهما راحت العيون التي تطل من أطرافه تكبر وتكبر وكإنها وحوش ضارية تريد افتراسه كمَا لم يعرف كم من الوقت انقضى وهو يجري في سباق سريع مع الزمن حتى سمع ذلك الصوت الغريب يخاطبه للمرة الثالثة وهو يخفت ويبتعد شيئا فشيئا : مع السلامة أيها الشاب , هدئ من سرعتك , وسر عل مهلك فأنت الآن في أمان !! ... ولكن لا تندهش أيها الشاب , فأنا روح العجوز صاحبة الدجاجة وقد سامحتك من كل قلبي فامضي في سبيلك على بركة الله . وشعر بدر الليل بالفرح يملأ كيانه كله , ليس بسبب سلامته فحسب وإنما لأنه تأكد أن نفسه قد تطهرت تماما . من كل أثر للتكبر والغرور ولولا ذلك لما سامحته روح العجوز ولما ساعدته على النجاة والخروج سالما من ممر الموت الرهيب هذا . وأخيرا لاحت لبدر الليل أسوار المملكة من بعيد كانت الشمس تغلي في كبد السماء , وكان كل شيء قد نال من بدر الليل وحصانه التعب , والنعاس , والعطش والجوع , ومع ذلك واصل بدر الليل طريقه نحو المملكة دون توقف , إلى أن دخلها عند العصر فوجدها مملكة رائعة الجمال , حيث بدا كل ما فيها يلمع كالجبال الزجاجية التي تحيطها من جميع الجهات , وكان أناسها يلبسون الملابس الزاهية المطرزة بالحرير وخيوط الفضة والذهب , وكأنهم في عيد , وكانوا ينظرون إلى بدر الليل بدهشة واستغراب , متحيرين من أمر هذا الفارس الوسيم الذي يركب حصانا أصيلا , لا يركبه سوى الأمراء وأبناء الأثرياء , ومع ذلك يلبس هذه الملابس الرثة الممزقة , وكأنه متسول أو رجل فقير لا يملك من متاع الدنيا شيئا ولاحظ بدر الليل أن الناس كانوا يسيرون في اتجاه واحد فترك حصانه يسير مع السائرين وقد ملأه الفضول لمعرفة المكان الذي يقصدونه , حتى وجد نفسه أخيرا يقف بحصانه مع الناس وسط ميدان واسع , يشرف عليه قصر عظيم بدا أشبه ما يكون بقصر والده وكان يصطف على بوابته الخارجية عدد من الحراس في ملابسهم الرسمية , وهم يقبضون على رماح طويلة راحت رؤوسها تلمع في أشعة شمس الأصيل بوهج يكاد يخطف الأبصار ! وقبل أن يدرك بدر الليل أن هذا القصر ليس سوى قصر الملك , ظهر في إحدى شرفه شيخ مهيب , وإلى جواره فتاة بديعة الجمال , بدت بوجهها المتلألئ المبتسم وكأنها شمس الصباح المشرقة فسرت بين الناس همسات الإعجاب , وهم يرددون اسم شمس الصباح كمَا لو كان نغما عذبا يستمتعون به , فخفق قلب بدر الليل بعنف وجعل يحدق في وجه الأميرة بذهول , وهو يكاد لا يصدق أنها فتاة من لحم ودم , حتى أنه لم ينتبه إلى الفرسان الذين أحاطوا به , إلّا عندما أمروه أن يتحرك من مكانه وينضم إلى عدد من الشبان الذين كانوا قد تجمعوا تحت شرفة القصر , التي تقف فيها شمس الصباح إلى جوار أبيها الملك ودون أن يدرك بدر الليل شيئا مما يجري من حوله , تحرك بحصانه ومضى إلى حيث أمره الفرسان وهناك استطاع أن يرى الأميرة عن قرب , فأدهَشه جمالها أكثر فأكثر , وأخذ يحدق فيها من جديد , وقد نسي نفسه تماما , وحين التقت عيناه بعينيها فجأة , رأى دهشة كبيرة ترتسم على وجهها . وأحس بشيء كالشعاع ينبعث من عينيها , وينفذ إلى عينيه دافئا عميقا , وعلى الفور شعر براحة عظيمة تسري في جسده المنهك من التعب والجوع والنعاس . فابتسم في وجه الأميرة وكأنه يشكرها على هديتها التي لم يشعر بها أحد سواه وخلال اللحظة التالية تماما , حدث شيء لم يكن بدر الليل يتوقعه أبدا إذ أن الأميرة قذفت باتجاهه تفاحة ذهبية التقفها وهي في الهواء دون ما تفكير وعند إذن فوجئ بالناس يملؤون الميدان بالتصفيق , كمَا فوجئ بعدد من الشبان القريبين منه يلتفون من حوله , وهم يهنئونه على شجاعته , ويتمنون له حظا سعيدا داعين الله أن يوفقه في تجاوز عقبة الملك القاسي , التي يضعها في طريق كل راغب في الزواج من ابنته شمس الصباح , وهنا فهِم بدر الليل كل شيء , وعرف أن إمساكه بالتفاحة الذهبية التي قذفتها شمس الصباح إنما يعني أنه راغب في الزواج منها وأن عليه أن يكون مستعدا لدخول الامتحان الصعب , الذي حذره أبوه منه فندم على تسرعه أشد الندم , مع أنه كان يشعر في أعماق نفسه بشيء من السعادة والرضا , لأن قلبه كان قد تعلق فعلا بشمس الصباح دون أن يدري , فأوكل أمره إلى الله , وسار بحصانه خلف الفرسان الذين طلبوا منه بلطف شديد أن يسير معهم إلى داخل القصر .... وعندما عبروا البوابة المفتوحى عل مصراعيها سلمه الفرسان إلى رجل عملاق كان في انتظارهم , فطلب هذا الرجل من بدر الليل أن ينزل عن حصانه , وقاده وسط ظلمة الغروب الخافيفة إلى حجرة منعزلة بين أشجار الحديقة , وعند بابها انتزع منه التفاحة الذهبية وأخبره أنه سيتركه في هذه الغرفة , وأن عليه أن يواجه في الغد الامتحان العسير , الذي لم يستطع أحد من قبل أن ينجح فيه , وأوضح له قائلا : إن لدى الملك منظارا عجيبا , يستطيع بواسطته أن يراك أينما كنت داخل أسوار المملكة حتى لو دفنت نفسك في أعماق أعماق الأرض عليك أن تختفي قبل أن يحين وقت ظهر الغد في مكان لا يكشفك فيه منظار الملك وإلّا فإنك ستفقد حريتَك وتصبح عبدا من عبيد القصر أمِا إذا نجحت في الاختفاؤ , ولم يتمكن الملك من رؤيتك بمنظاره خلال الساعة الأولى من ساعات الظهيرة فإنك ستفوز بالزواج من أميرة البلاد شمس الصباح , وسوف تصبح وليا للعهد , لتحكُم البلاد من بعد الملك !!! أما الآن فإنني سأتركك حتى تتدبر أمرك , ولكن قبل أن أذهب أحِب أن أُحذرك من محاولة الهروب . فأنت لن تستطيع مغادرة أسوار هذه المملكة مهما فعلت . ابتسم بدر الليل بوجه شاحب خالٍ من الدم . كان يبدو وكأنه لم يستوعب شيئا مما قاله الرجل العملاق الذي سارع فور أن فرغ من حديثه إلى مغادرة الحجرة تاركا بابها مفتوحا على مصراعيه ولكن بدر الليل ظل جامدا في مكانه , دون أن يفكر بالخروج من هذا الباب , أو يعرف شيئا عما يمكن أن يفعله في الخارج , فإلى أين سيذهب ؟؟ ... وأين سيجد المكان الذي يمكن أن يخفيه عن منظار الملك العجيب ؟! . إنها عقبة صعبة فعلا ... وهو لا يستطيع أن يتخيل نفسه وقد صار عبدا , فالموت عنده أهون ألف مرة من العبودية والذل , وشعر بدر الليل بالدنيا تظلم في عينيه ظلاما حالكا شديد السواد فجلس يفكر لعله يهتدي إلى طريقة تنقذه من المصير الذي ينتظره , وفجأةً تذكر الثعلب الذي وعدَه بالمساعدة , فصفق بيديه ثلاث مرات , وهو يقول في نفسه : الثعلب ذكي وصاحب حيلة , وربما وجدت عنده حلا لمشكلتي . ولم ينتظر بدر الليل إلّا قليلا , فقد انشقت أرض الحجرة فجأة عن رأس الثعلب , الذي خرج سريعا إلى سطح الأرض , ووقف بين يدي بدر الليل وهو يقول . أنا في خدمتك أيها الصديق . فاطلب مني ما تشاء . فأسرع بدر الليل إلى إغلاق باب الحجرة المفتوح , ثم عاد وجلس أمام الثعلب , وحكى له المشكلة باختصار شديد , ففكر الثعلب قليلا ثم قال وقد لمعت عيناه بفكرة : ما هذه مشكلة بسيطة جدا ........... اتبعني ولا تقلق لشيء . قال الثعلب هذا , وسارع إلى دخول النفق الذي سبق وخرج منه , فتبعه بدر الليل , زاحفا على بطنه ويديه وهو لا يعرف شيءا عن خطة الثعلب , الذي توقف فجأةً عن السير في النفق المحفور , وبدأ يحفر نفقا جديدا في التجاه آخر حتى وصل أخيرا تحت عرش الملك , فأجلس بدر الليل هناك , وودعه وداعا صامتا , ثم مضى ........... وعندما حان وقت الظهر ............ جمع الملك وزراءه وأعوانه وجلس في عرشه , وجعل ينظر بمنظاره شرقا وغربا وشمالا وجنوبا , دون أَن يرى أثرا لبدر الليل فأراد المحاولة مرةً ثانية وثالثة ورابعة , ولكن من دون جدوى فظهرت على وجهه علامات السعادة والرضا , وقال لجلسائه بصوت ينم عن الإعجاب الشديد : هذا هو الشاب الذي يستحق من يتزوج من ابنتي , ويكون ملكا من بعدي , ولكن أين تراه قد اختفى ؟؟!! . آه كم أنا في شوق لمعرفة ذلك . وما أن أنهى الملك كلامه هذا حتى رفع بدر الليل ستاءر الحرير التي كانت تحيط بقوائم كرسي العرش , واندفع خارجا من تحتها , ليفاجئ الجميع بوجوده , وهو يقول : إنني هنا يا صاحب الجلالة , ولست ببعيد عنك أبدا .. وكما كانت سعادة بدر الليل عظيمة وهو يسمع الملك يهنئه على نجاحه , ويعلن عن موافقته على زواجه من ابنته شمس الصباح .... وفي اليوم التالي أعلنت الأفراح والاحتفالات التي دامت شهرا كاملا وعاش أهل المملكة فرحة زواج أميرتهم من بدر الليل الذي اعتذر للملك , بعد شهرين من الزواج , عن ولاية العهد , واستأذنه بالرحيل مع زوجته إلى بلاده , إذ ليس أغلى من الأهل والوطن شيء أبدا تمت بحمد الله انتهت القصة ولكني سأكمل نهايتها بنفسي فهي لم تعجبني هكذا فإذن الملك لبدر الليل بالرحيل وعاد بدر الليل إلى وطنه مع زوجته شمس الصباح
| |
|