اول كمان الجزء 1

في احد أقطار المدينة رزقت الأسرة الصغيرة بطفلة ، إنها الوردة التي وهبها الله للزوجين ، في فصل الشتاء البارد
الذي تقل فيه الأزهار ، كان عمل الأب هو صنع الآلات الموسيقية ، و في الليلة التي رزق فيها بالطفلة انهى صنع أول كمان له
ذهب للسوق كي يبيعه و يجلب لزهرته الملابس و الغداء ، لكنه واجه العديد من المشاكل مع نذالة التجار في السوق
فلم يبعه و عاد إلى المنزل خائبا
أراد تحطيم دالك الكمان التعيس لكن الطفلة الصغيرة أحبته كثيرا
كانت الطفلة قنوعة ، تكتفي بعزف أمها على الكمان لترتسم على وجهها ابتسامة صادقة مليئة بالبراءة
لم تجد الأم إلا أن تحظن فلذة كبدها في ثيابها و تبقى تقاسي من البرد الشديد
مر شهر على هذه الحال و آلام الأسرة تزداد
و في هده الفترة عمل الأب بجد و كد و تمكن من صنع بعض الآلات الموسيقية
و جازاه الله على صبره بأن وجد تاجرا نبيلا اشتراها منه و لم يبخسه ثمنها
عاد إلى بيته الصغير مسرعا فرحا يحمل في قفته ملابس و أغطية و طعاما لزوجته و بنته
دخل المنزل مبتهجا يقول ابشري يا لجين لقد فرج الله علينا
لكنه وجد الطفلة تبكي بأعلى صوتها و هذا ليس من عادتها
و أمها ملقاة على الأرض و الدم ينزف من فمها
لم يجد مدا يفعل تسمر في مكانه لفترة سقط حمله من يده و خرج مسرعا و الدموع تملأ عينيه
كان يمسك أي شخص يصادفه في طريقه
و أخيرا اهتدى و وجد طبيبا
احظره للمنزل بسرعة
لكن الأوان قد فات
تغلغل المرض في الأم منذ شهر
إنها تلفظ أنفاسها الأخيرة
لا يستطيع الطبيب فعل أي شيء
عانقها بشدة و صرخ بأعلى صوته باكيا لتفارقه روح محبوبته بابتسامة طاهرة على وجهها
توقفت سمر عن البكاء بعد ساعات
عمل الأب على الاعتناء بها أكثر من أي شيء
و ينادها على اسم أمها لجين
لم تنطق البنت بكلمة واحدة لأسبوع
فانتاب الأب نوبة من الحيرة
أخدها للطبيب فتبين أنها فقدت صوتها لصدمة نفسية
ازداد حزن الأب و انفطر قلبه
شعر برغبة كبيرة في فراق الحياة
لكنه و بصموده و عزيمته
تمكن الأب من رعاية بنته لسبع سنوات
لكنه لم يستطع التغلب على حزنه ففارق الحياة في أول عقد لوردته
لم تستطع البنت إلا أن تردف كل ما لديها من الدموع و تعانق الكمان بشدة
لم تجد مدا تفعل ، مكثت في المنزل و كانت تعزف ذلك اللحن على الكمان كل ليلة
كانت تنتظر نهايتها بيأس شديد